السودان: بعد نجاح الإضراب العام يتعين الآن طرد الطغمة العسكرية!

دخلت الثورة السودانية مرحلة جديدة بعد القيام بإضراب عام قوي أصاب البلد كلها بالشلل، يومي الثلاثاء والأربعاء من هذا الأسبوع. كان مطلب المنظمين للإضراب هو ضرورة تنازل المجلس العسكري الانتقالي عن السلطة، التي اغتصبها في شهر أبريل الماضي، وتسليمها لحكومة مدنية.

[Source]

لقد تحدت الجماهير السودانية التهديدات العديدة التي أطلقتها الطغمة العسكرية، المعروفة باسم المجلس العسكري الانتقالي، وأوقفت كل مرافق البلد بالكامل. أظهرت الطبقة العاملة السودانية، التي يحيط بها الفقراء والفلاحون والشباب، أنها بمجرد ما تنتظم تصير قوتها لا تقهر.

لقد أدى الإضراب إلى شل الحياة الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد، ولم يستثن سوى تلك القطاعات التي سمحت الطبقة العاملة بأن تواصل عملها. في الخرطوم كان الالتزام بالإضراب حوالي 100 %، بينما كان الالتزام بالدعوة إلى الإضراب أقل قليلا في المناطق الريفية. تم إغلاق جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية والمدارس والمستشفيات. كما توقف سائقو الحافلات والشاحنات. وكذلك فعل عمال المطار ومهندسو الطيران المدني، مع تنظيم احتجاجات كبيرة في مطار الخرطوم.

شهدت بورتسودان، موطن أكبر ميناء في البلاد، توقف كل القطاعات بما في ذلك المستشفيات والمطار وشركة الكهرباء والبنوك ووكلاء التحميل والتفريغ ومصالح الجمرك وسلطات الضرائب وعدد من الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى. استمرت عمليات الميناء فقط في ميناء سواكن، على البحر الأحمر، وذلك لنقل الحجاج إلى مكة. كما تم الإبلاغ عن إضراب عمال شركتي النفط والغاز، بترودار وبيترو إنيرجي.

وفي الوقت نفسه تم إغلاق آلاف من فروع الأبناك، مما جعل المعاملات الاقتصادية مستحيلة. كما أضرب عمال محطات توليد الطاقة وعمال قطاع الكهرباء وعمال المناجم وأغلبية عمال القطاع الصناعي. ومن بين الأمثلة الأخرى الكثيرة، وردت تقارير من الخرطوم حول احتجاجات وإضرابات قام بها عمال المؤسسة العسكرية للصناعات، وجامعة جاردن سيتي، وشركة بيوتك، والصيادلة والعاملون في مصنع المستحضرات الصيدلانية فارمالاند، ومطاحن الدقيق ومصنعي السجائر والمواد الغذائية ومصانع الإسمنت، وغيرها.

وقد انضم إلى الطبقة العاملة المحامون والصحفيون والعلماء وموظفو الجامعات وأصحاب المتاجر والعديد من الباعة المتجولين. صدرت توصيات من لجان الإضراب في جميع أنحاء البلاد لدعم الإضراب وإعلان استعدادها للالتزام بأي قرارات إضافية من قادة الحركة.

بعد الانخراط في الإضراب تجمع العمال في متاريس أمام أماكن عملهم، حيث اندمج العديد منهم في احتجاجات أكبر في المساء. وفي الخرطوم هتف عشرات الآلاف من المحتجين بـ "سقوط قوات الدعم"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع الرجعية المعادية للثورة، والتي يطوق 50 ألف جندي من أعضائها شوارع الخرطوم.

كان رئيس المجلس العسكري الانتقالي، عبد الفتاح برهان، خارج البلاد في جولة يزور خلالها رؤساء دول المنطقة. أما في الوطن فقد فضح العمال والفلاحون والفقراء عجز المجلس العسكري في مواجهة قوة الجماهير الثورية.

وفي حين كانت الحكومة عاجزة عن فعل أي شيء، فإن قوى الحرية والتغيير أصبح بحكم الواقع أعلى سلطة في البلاد. وقد كان القرار الصادر عن عمال الميناء مؤشرا واضحا على ذلك، إذ جاء فيه:

«وفقا للقرار الذي أعلنه تجمع المهنيين السودانيين -المنظمة التي تمثلنا- وبعد انتهاء الساعات الأخيرة من الإضراب، تم استئناف العمل في الميناء على الفور. إننا نؤكد من جديد استعدادنا واستجابتنا لجميع قرارات التي اتخذتها تجمع المهنيين السودانيين في سياق استعادة السلطة والسيادة المدنية الكاملة، ونعلن استعدادنا للعصيان المدني والإضراب السياسي المفتوح حتى يتم تسليم السلطة للمدنيين. وكما قلنا سابقا، فإن القرارات منكم و[الفعل] منا».

كما صدر بيان مماثل من قبل عمال وأصحاب شركات ومحلات (صغار الملاك بشكل أساسي) صناعة قطع غيار السيارات، جاء فيه:

«تتقدم لجنة عمال وأصحاب شركات ومحلات قطع غيار السيارات وكمالياتها لكل الشرفاء بقطاع قطع غيار السيارات وكمالياتها بوقفتهم المشرفة مع خيار لجنتهم في الإضراب عن العمل يومي الثلاثاء 28 مايو 2019 والأربعاء 29 مايو 2019 استجابةً لنداء تجمع المهنيين السودانيين ونداء الوطن والذي حقق نجاحاً باهراً، ونعلن أننا جاهزون لتنفيذ كل الخيارات التي تتوافق عليها جموع الشعب السوداني الحر.

كما نجدد تمسكنا بضرورة تحقيق آمال وتطلعات الشعب السوداني العظيم والمتمثلة حالياً في نقل السلطة للمدنيين عبر حكومة انتقالية مدنية. ونترحم علي أرواح شهداء ثورة ديسمبر المجيدة، ونؤكد أن دمائهم الطاهرة لم تسيل عبثاً وإن الخلاص قادم لامحال.

كما نؤكد من جديد التزامنا بتحقيق آمال وتطلعات الشعب السوداني العظيم الممثل حاليا في نقل السلطة إلى المدنيين من خلال حكومة انتقالية مدنية. ونحن نحزن بشرف على أرواح شهداء ثورة ديسمبر المجيدة ، ونؤكد أن دمائهم النقية لم تُسْفَ دون جدوى ، وأن الخلاص قادم.

ستظل وقفتنا بخط النار رائعة جميلة

سنعلم التاريخ ما معنى الصمود وما البطولة

لجنة عمال وأصحاب شركات ومحلات قطع غيار السيارات وكمالياتها

30 ماي 2019».

لقد حاولت القوات المسلحة، المرتبطة بشكل أساسي بقوات الدعم السريع، في العديد من الحالات، كسر الإضراب بالقوة. ففي الخرطوم، يوم الثلاثاء، اقتحمت قوات الدعم السريع وقوات أخرى مكاتب شركة الكهرباء في منطقة الرياض، شرق الخرطوم، واعتقلت 10 موظفين مضربين. لكنها اضطرت إلى إطلاق سراحهم بعد أن هدد عمال الشركة الآخرون بقطع إمدادات الكهرباء. وعوض أن تؤدي هذه الممارسات إلى تخويفهم، فإن "سوط الثورة المضادة" هذا جعل عمال الشركة أكثر جذرية وبدأوا يشعرون بالقوة التي يتمتعون بها. وقد انتقل العمال إلى هجوم بخوضهم لإضراب مفتوح لتطهير الإدارة من أتباع النظام القديم. وكتبوا في بيان لهم عقب الإضراب:

«تجمع المهنيين بقطاع الكهرباء

بيان هام،

إلى جماهير شعبنا الصابر والظافر،

ظل الشعب السوداني صابراً على التكتلات السياسية والقمع والظلم والفساد المالي والإداري في ظل الحكومة السابقة حتى تفجرت ثورة التغيير التي علّق المواطن عليها آماله وتطلعاته لتحقيق الأهداف المنشودة. نفذنا إضراباً عن العمل ليومي الثلاثاء والأربعاء الموافق (28،29) من شهر مايو وفق رؤية تجمع المهنيين السودانيين وقوى الحرية والتغيير ،، وقمنا بتوضيح شكل الإضراب مسبقاً لزبائننا الكرام وذلك لإجراء التحوطات اللازمة.

زبائننا الكرام،

من باب الشفافية وتمليك الحقائق دون تزييف نوضح الآتي:

١- هنالك جسم غير شرعي في الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء يسمى بقسم تأمين المنشأة يعمل داخل الشركة ويتحرك ويستنزف مواردها ومكتسباتها ، تم تكوينة في عهد وزارة سيئ الذكر اسامة عبد الله .

هذا الجسم السرطاني الغريب هو عبارة عن جهاز الأمن وفلول النظام السابق وكتائب ظله ومتنسبي الدفاع الشعبي هم نفسهم من يعملون في قمع المظاهرات السلمية ويشهرون اسلحتهم في وجه العاملين بالكهرباء وتهديدهم لتنفيذ أجندة النظام السابق.

٢- بعد اعتصامنا الاول تم إصدار قرار بحل قسم التأمين بخطاب من مجلس الإدارة وتنسيب منسوبي القسم إلى الإدارات، على أن يتم التنسيب عبر لجنة لدراسة مؤهلاتهم ، الأمر الذي لم يتم حتى الآن، كما طلبنا أيضاً إبعادهم ونقلهم للوزارة بعد أن مارسوا العنف والتهديد لمنع العاملين من الإضراب في بوم 28 ،، إلا أن وكيل الوزارة رفض تنفيذ هذا المطلب المهم.

مواطنينا الأمجاد

نرجو منكم الوقوف معنا في معركة إزالة بقايا النظام حتى يتم تطهير الكهرباء من فلول النظام البائد ، وعليه نعتذر للأخوة المواطنين عن عدم قدرتنا على تقديم خدماتنا في ظل وجود من يهددون استقرار الشركة وحياة العاملين.

ونفيدكم اننا الان مضربين عن كل البلاغات الفردية في كل السودان حتى حل قسم التامين نهائياً وإبعاد كل منسوبيه من قطاع الكهرباء.

العاملون بالشركة :

المهندسين

الفنيين

الاداريين

العمال

نعلن الاضراب الشامل في جميع الإدارات العامة والمساعدة والورش والمصانع التابعة للتوزيع الى حين إبعاد ونقل منسوبي قسم التامين الى الوزارة.

هدفنا خدمة المواطن ورفعة البلاد

دمتم ودام نضال الشعب السوداني.

تجمع المهنيين بقطاع الكهرباء- مكتب الاعلام

30 مايو 2019».

كما وقعت حوادث مماثلة في مكان آخر أيضا، فيوم الثلاثاء أدى الإضراب في بنك السودان المركزي إلى تعليق تام للمعاملات المالية في البلاد ، فقامت فصائل مسلحة بمحاصرة المبنى الرئيسي للبنك في الخرطوم. كان الرجعيون يطالبون بدفع رواتبهم، لكن موظفي البنك رفضوا العمل. وفي اليوم التالي تم تنظيم مظاهرة تضامنية كبيرة أمام مقر البنك، بمشاركة عمال من شركة زين للاتصالات وعمال قطاع النفط وشركة الخرطوم للطاقة وموظفي وزارة المالية.

في مطار الخرطوم كان هناك وجود كثيف لقوات الدعم السريع، لكن الطائرات بقيت على الأرض. وفي جبل أولياء، جنوب الخرطوم، أطلق أفراد من قوات الدعم السريع النار على عمال محطة ضخ الوقود في البشاير لإجبارهم على وقف الإضراب، مما أدى إلى إصابة اثنين منهم بجروح خطيرة نقلوا على إثرها إلى مستشفى المستعجلات في جبل أولياء.

ووفقا لإذاعة دبنقا، شهدت مدينة القضارف أيضا قيام الحاكم وقائد الشرطة وعدد من المسؤولين العسكريين باقتحام بنك التوفير لإجبار الموظفين على إنهاء إضرابهم في يومه الثاني، لكن موظفي البنك لم يتراجعوا أمام تهديدات محافظ البنك وواصلوا إضرابهم.

على الرغم من أعمال العنف والتخويف هذه (وغيرها كثير)، فإن الحركة لم تستسلم. إن ما نراه هنا هو أنه بمجرد ما أن تبدأ الطبقة العاملة في التحرك بطريقة منظمة، فإنه لا يكون في مقدور أي قوة أن توقفها. لأن الطبقة العاملة، في آخر المطاف، هي التي تخلق كل الثروة التي تنهبها الطبقة الحاكمة. وقد انكشفت هذه الحقيقة بوضوح خلال الإضراب العام.

لا مفاوضات مع النظام القديم: كل السلطة للشعب!

جاءت دعوة الإضراب من قبل قوى الحرية والتغيير، الذي يترأسه تجمع المهنيين السودانيين –وهي جبهة واسعة من النقابات والمنظمات المهنية- ردا على وقف المجلس العسكري للمفاوضات بشأن الهيئات الحكومية المستقبلية في البلاد.

ووفقا للتقارير فقد تفاوض المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير على اتفاق من شأنه أن يؤسس برلمانا من 300 مقعد ، إضافة إلى حكومة تكنوقراطية ستبقى في مكانها لمدة ثلاث سنوات قبل الدعوة إلى انتخابات جديدة. ويدور الخلاف حول دعوة قوى الحرية والتغيير للمجلس العسكري بالتخلي عن السلطة، في حين يطالب هذا الأخير بالبقاء على رأس الدولة.

ووفقا للتقارير الرسمية الصادرة يوم الاثنين ، فإن حميدتي قال إن المجلس العسكري لن يسلم الحكومة بأكملها إلى قوى الحرية والتغيير «الذي يمكنه أن يصبح جزءًا [من الحكومة] إذا أراد». وقال: «لقد خدعنا بشعارات قوى الحرية والتغيير، والآن أكدوا حقيقة نواياهم (...) إن قوى الحرية والتغيير لا تبحث عن شركاء، بل عن مشاركة رمزية». واتهمهم بالسعي لتغيير جميع أجهزة الدولة، بما في ذلك ميليشيات قوات الدعم السريع والأمن والخدمات المدنية.

يبدو أن حميدتي قد شعر بالصدمة من حقيقة أن قوى الحرية والتغيير لا ترغب في رؤية المسؤولين العسكريين غير المنتخبين والمكروهين، المنتمين إلى النظام القديم، يواصلون حكم البلاد. إن حميدتي وبرهان وبقية عصابة المجلس العسكري، وبغض النظر عن خلافاتهم الداخلية، هم رجال النظام القديم وقد حكموا إلى جانب عمر البشير على مدى عقود. من المعروف أن الثورة تريدهم خارج السلطة كما تريد تفكيك القوات المسلحة الرجعية. لا يقتصر الأمر على قمعهم الوحشي للجماهير السودانية طيلة سنوات ، بل إنهم مستمرون في القيام بذلك حتى يومنا هذا، حيث يهاجمون المضربين والاعتصامات والاحتجاجات بشكل يومي. لا يمكن الحديث عن تحالف سلمي بين الثورة وبين هذه القوى.

لا يحتاج تحالف قوى الحرية والتغيير للتفاوض مع هؤلاء الناس. وكما قال ليون تروتسكي ذات مرة ، فإن الإضراب العام يضع مسألة السلطة على جدول الأعمال. لقد رأينا هذا الأسبوع من الذي يملك السلطة حقا في السودان. عندما صارت قوى الحرية والتغيير قيادة الثورة، صارت أقوى سلطة في المجتمع، أقوى حتى من جهاز الدولة القديم. وبينما يلتزم مئات الآلاف من العمال بتوجيهات التحالف، فقد تجاهلوا تمامًا تهديدات المجلس العسكري "الحاكم".

إن جماهير العمال والفلاحين، الذين بدونهم لا يمكن لأي عجلة أن تدور ولا لمصباح أن يضيء، يرون في التحالف قوى الحرية والتغيير ممثلهم الرئيسي. بل إن السبب الوحيد وراء استمرار المجلس العسكري رسميا في السلطة، هو أن التحالف لم يطرده منها. يقول البعض إنه إذا ما فعل التحالف ذلك، سوف تقذف القوات المسلحة السودان في حالة من الفوضى والحرب الأهلية، لكن الحقيقة هي أن غالبية الجنود العاديين موالون للثورة وليس للمجلس العسكري. وحدهم رجال ميليشيات حميدتي الرجعيين من يمكن للمجلس الوثوق بهم لمهاجمة الثورة، لكنهم لم يستطيعوا إيقاف سقوط البشير من قبل، وهم بالتأكيد لا يستطيعون إيقاف الثورة الآن.

لجان الإضراب ولجان الأحياء تتمتع بالفعل بسلطة أكبر مما تتمتع به المؤسسات الرسمية للطبقة الحاكمة، نفس الشيء يقال عن تجمع المهنيين السودانيين الذي يمتلك سلطة أكبر مما تمتلكه الحكومة. لذا فإنه ليست هناك حاجة للتفاوض مع مجرمي النظام القديم. إن كل ما يجب القيام به الآن هو ربط تلك اللجان على الصعيدين الإقليمي والوطني، والدعوة إلى إضراب عام مفتوح من أجل حسم السلطة على الفور، دون التفاوض مع الثورة المضادة ودون الانتظار لعدة سنوات حتى يتم تنظيم الانتخابات.

تمتلك الجماهير الثورية القدرة الكاملة على تنظيم انتخابات ديمقراطية لمؤسساتها الخاصة وإدارة المجتمع لمصلحتها. فأثناء الثورة، في كل مكان كانت فيه السلطة في يد الجماهير، على الأقل جزئيا في الشوارع، كان المجتمع يسير بشكل أكثر تنظيما وسلاسة مما كان عليه في ظل حكم النظام السابق الفاسد. لقد أبان الإضراب العام أنه في كل مصنع ومدرسة ومستشفى ومؤسسة حكومية، العمال هم الذين يسيرون المجتمع حقا، في حين أن أرباب العمل والبيروقراطيين لا يقومون بشيء سوى النهب والتدمير. يجب أن تعمل الطبقة العاملة على طرد هؤلاء من السلطة ومن المناصب القيادية للاقتصاد.

لا يمكن حل المشاكل الرئيسية للثورة إلا عن طريق إسقاط الرأسمالية وتنفيذ ثورة اشتراكية. أي أنه فقط من خلال السيطرة على الدولة والسيطرة على المفاتيح الرئيسية للاقتصاد، حيث سيمكن للطبقة العاملة، والفقراء وجماهير الفلاحين، تحويل المجتمع السوداني وإعادة تنظيمه بما ينسجم مع مصالحهم.

لسوء الحظ لم يطرح تجمع المهنيين السودانيين هذا المنظور واكتفى بوصف نفسه بأنه منظمة غير سياسية. إن هذا مثير للسخرية، لأن قيادة الثورة هو العمل الأكثر تسيسا على الإطلاق. وهكذا فإن أكثر ما تفتقده الثورة هو القيادة الثورية الحازمة. وبالتالي فإن المهمة الأساسية في الوقت الحالي هي تنظيم أفضل الثوريين، والأكثر حزما وبعد نظر، في حزب يمكنه أن يقود الثورة إلى هدفها النهائي المنطقي.

لقد أظهرت الجماهير السودانية مستويات لا مثيل لها من القوة والتصميم والإبداع، والمطلوب الآن هو تركيز هذه القوة على المهام الرئيسية للثورة، أي: الإطاحة الكاملة بالنظام القديم وكل ميليشياته وقواته المسلحة، و كسر قبضته على الاقتصاد. لا يوجد وقت لنضيعه، فالجنرالات يناورون فقط لكي يكسبوا الوقت لتنظيم الهجوم المضاد. يجب اسقاطهم وإلقائهم في مزبلة التاريخ مكانهم الطبيعي، مع بقية طبقتهم الفاسدة والنظام الرأسمالي.